الفحشح
الشح أعم من البخل لأن البخل أن تمنع ما تملك عن الطالب والمحتاج والمستحق. أما الشح فيدخل فيه ذلك المعني وينضاف إليه أن تشح بما لا تملك فتأمر بالبخل غيرك استكثارا علي المستعين. أو تستكثر علي الانسان تميزا في الثراء أو المكانة ونحوهما. كما قد يتفق لرقيق الحال أن يتحفه الباري بزوجة خلابة الحسن غلابة الجمال كاملة العقل والخلق. فيستكثرها عليه أهل الشح ولا ينظرون إلي ما حرم منه إلا علي أنه علة تقتضي حرمانه منها ولو أنصفوا لعكسوا نظرتهم . أو يسبق رقيق الحال لدكان زاهي المكان. أو شبه ذلك من الميزات. وقد يقع مثل لذلك للأمة رقيقة الحال. أو تمنّ طائفة على الأمة ببذلها وكفاحها تستعظمه فتنزل عليه أحكاما شرعية ضخمة أو اعتقادات ذاتية ووجدانية مستعلية .
والشح والفحشاء وجهان لعملة واحدة فلنسمها اصطلاحا “فحشح” وقد وردت النصوص النبوية بأنهما سبب لهلاك الأمم . كما ورد اقترانهما معا في آية واحدة “الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء” ومعني يعدكم الفقر أي يأمركم بالبخل ويخوفكم بالفقر لتبخلوا. وهو تنبيه بالعام علي الخاص فإن تخويفه بالفقر يكون لغرض البخل وغيره. وهو داخل في عموم التيئيس والتحزين والتبليس الذي يوسوس به للناس كأساس من أسس إبعاد الناس ربهم وتحطيم مقاومتهم ومحبتهم. والمقصود أن الآية تبين أن أمره بالبخل والفاحشة وجهان لعملة واحدة. والسؤال الآن دون أن يأخذنا الزهو بنسبة العفاف الجنسي قياسا بالغرب. هل بلادنا أكثر غرقا بعملة “الفحشح” أم الغرب
جاء في سورة مريم ﴿لقد أحصاهم وعدهم عداوكلهم آتيه يوم القيامة فرداإن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودافإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا﴾ [مريم: ٩٤-٩٧] كان الاقتران والمقابلة بين من يأتي فردا وحيدا وبين من يكون له الود يوم القيامة بعكس فردانية الأول من البديهيات في ذهني بدون مراجعة التفاسير. ثم راجعت تفاسير السلف فوجدتهم يفسرونها بالمودة في الدنيا التي يجعلها الله في قلوب الناس للمؤمن إلا ما ذكره الفخر الرازي عن أبي مسلم أن المودة أخروية ورده الرازي ولم يلاحظ الآية قبلها ولم يحتج بها أبو مسلم فيما ذكره الرازي . وكان الرازي خليق بملاحظة ذلك لولا رواية الترمذي عن الرسول صلى الله عليه وسلم والتي فيها تفسير الآية بالمودة في الدنيا التي يضعها الله في قلوب الناس للمؤمن . وهي زيادة شاذة ثم وقفت على قول الطاهر بن عاشور في تفسيره (ﺇﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﻭﻋﻤﻠﻮا اﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ ﺳﻴﺠﻌﻞ ﻟﻬﻢ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﺩا (96) ﻳﻘﺘﻀﻲ اﺗﺼﺎﻝ اﻵﻳﺎﺕ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻭﺻﻒ ﻟﺤﺎﻝ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﻀﺪ ﺣﺎﻝ اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺣﺎﻝ ﺇﺗﻴﺎﻧﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﻝ اﻧﻔﺮاﺩ ﺑﻞ ﺣﺎﻝ ﺗﺄﻧﺲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ. ﻭﻟﻤﺎ ﺧﺘﻤﺖ ا
تعليقات
إرسال تعليق